53 - رحلة إلى اليابان 2# - لقاء صديقين

الفصل 53 : رحلة إلى اليابان 2# - لقاء صديقين.

----------------------------------------------

أخد (أورين) نفسا عميقاً ثم وقف أمام الغرفة الثانية، ففتحها ووجد شاباً مستلقٍ على الكنبة وهو لوحده في الغرفة، فدخل وأغلق الباب خلفه وقال محدثا إياه:

"أحمم، صباح الخير سيدي، هل أستطيع رؤية تذكرتك؟"

لم يستدر الشخص ليواجه (أورين) وظل على وضعيت استلقائه وقال متذمرا بصوت كسول:

"هممممم؟ ماذا؟ مجدداً؟"

فأجابه (أورين) بشكل محترم مدعياً أنه قاطع تذاكر:

"أنا أخشى ذلك، نحن نبحث على شخص هارب من السجن، وقد توصلنا بمعلومة بأنه قد يكون داخل هذا القطار."

بدأ ذلك الشخص يتذمر أكثر فقال له وهو لا يزال على نفس وضعيته:

"انظر يا رجل، أنا لست مجرماً، أنا فقط حلاق للشعر. وأنا الآن متجه إلى لندن لكي أصبح مشهورا في العالم.

ظل (أورين) صامتاً وكان يفكر فقال مع نفسه:

(هممم... لا يبدو على أنه قاتل مستأجر، ولكن...)

"أنا أتفهم وضعك يا سيدي، ولكن يجب...."

فقام الرجل من مكانه متذمرا أكثر من السابق فكان رجلا شعره أحمر ولديه شارب غريب جدا.. فقاطعه قائلاً:

"يا صاح، هل أبدو لك شخصا هارباً من الشرطة أو ما شابه؟ إسمي (كازوما) ولقد أخبرتك بأنني فقط حلاق للشع--"

في تلك اللحظة توقف الرجل عن الكلام واتسعت عيناه وفتح فمه وكان مصدوما للغاية وهو ينظر إلى (أورين) ويقول:

"ما ذلك بحق الجحيم؟!!!"

ارتبك (أورين) قليلاً وسأله:

"ماذا؟ عن ماذا تتحدث؟"

فقال له: "ذاك! ما ذلك الشيء الذي يوجد فوق رأسك بحق الجحيم؟"

استغرب (أورين) فسأله:

"آهمم... هل أنت تقصد... شعري؟"

لكن الرجل كان لا يصطنع ذلك بل ولا يزال منصدما أكثر فقال له متذمرا على شكل شعره:

"يا إلاهي، يبدو وكأن بقرة قامت بلعقه بلسانها. يجب أن يكون شكل شعرك هذا غير قانوني!"

فلم يعجب (أورين) ذلك فقال له:

"هاي، يا رجل، شكله يعجبني!"

ولكن الرجل لا يريد التوقف عن ذلك فأكمل ولا تزال تعابير وجهه هي نفسها:

"هل تعجبك هذه البشاعة؟ هذه الخطيئة القبيحة والشنيعة؟ هذا الذي نسميه بإجهاض للشعر؟"

نفذ صبر (أورين) فقال له:

"حسنا، حسنا، لقد فهمت، لا يعجبك شعري."

في تلك اللحظة أخرج الرجل مقصا وردياً كلون قميصه الوردي وابتسم وقال:

"آآآآه، ولكن لا تقلق يا صديقي، يمكنني إنهاء معاناتك! (كازوما)، أعظم حلاق في العالم، سوف يغير حياتك إلى الأبد! أنا أعرض عليك قصة شعر وتوقيع شخصي! بالمجان!"

لم يعرف (أورين) ما يقول:

"قصة شعر؟ آهممم...."

لكنه لم يملك خيارا آخر، فعلى ما يبدو بأن المجانيات تغري الناس كثيراً، فقبل عرضه مباشرة:

"آهممم... حسنا، دعنا نجرب. أتمنى أن لا أندم على هذا..."

فصاح به الرجل:

"لن تفعل! أحتاج فقط إلى دقائق معدودة. استرخي ودع السحر يعمل!"

ثم بدأ يقص شعره وأخد منه ذلك دقيقتان تقريباً، فجلس الرجل مكانه وهو يبتسم وقال:

"لقد انتهيت! هل أنت جاهز لترى النتيجة؟"

أورين: "على ما أظن..."

"حسنا! هيا ألقي نظرة على... هذا!"

فأخرج مرآة من وراء ظهره ووضعها أمام وجه (أورين) حتى رأى رأسه فكانت تعابير (أورين) غريبة في البداية فقال مرتبكا:

"يا إلاهي، ماذا فعلت....... هاه.... هاي.... في الحقيقة...... ليس سيئاً، (كازوما)!"

فابتسم (أورين) وكان سعيدا وأكمل بابتسامة:

"ليس سيئاً على الإطلاق!"

وكان في الجهة المقابلة (كازوما) سعيدا بسماع ذلك الكلام فقال:

"بالطبع إنها ليست سيئة! هل أنت تعلم حتى مع من تتكلم؟"

أورين: "آسف لتشكيكي بقدراتك! هل أنا مدين لك بشيء؟"

فقال له (كازوما): "لا، لا تهتم! لقد كان من دواعي سروري. الآن سوف تتشاجر من أجلك النساء بالتأكيد..."

أورين: "أتمنى أن يكون ذلك صحيح يا رجل! حسنا، يجب أن أذهب الآن، أراك لاحقاً.... وشكرا لك!"

رد عليه (كازوما): "إذهب، صديقي الصغير، اعرض عملي على العالم!"

فخرج (أورين) من الغرفة وهو سعيد بقصة شعره الجديدة وهو يقول مع نفسه:

(يجب أن أعترف، هذا الشخص كان طموحاً قليلاً، ولكنه قام بعمل جيد. حسنا، الستايل الجديد يبدو جيدا حتى الآن! والآن يجب أن أستمر بالبحث عن ذلك الشخص الغريب... في حالة كان هنا بالفعل.)

توجه مباشرة بعد ذلك إلى الغرفة الثالثة وعندما فتحها وجدها فارغة، فتخطاها وذهب إلى الغرفة الرابعة وفتح بابها فوجد امرأة ترتدي معطفا أخضرا وقبعة بيضاء وشعرها أشقر وكانت واقفة وتعطي بظهرها إلى باب الغرفة فكانت وكأنها تخفي وجهها، فسألها (أورين):

"صباح الخير سيدتي، هل أستطيع رؤية تذكرتك؟"

فشعر حينها بأن هناك خطبا ما بالشخص الذي أمامه وتساءل إن كانت بالفعل هذه امرأة.

فسألته تلك المرأة بدون أن تستدير نحوه:

"هممم؟ ماذا؟ لماذا؟"

فقال لها: "نحن نبحث عن شخص هارب من السجن، وتوصلنا بمعلومة تفيد بأنه قد يكون داخل هذا القطار."

فارتبكت المرأة وقالت بتلعثم:

"مـ-ماذا؟! مجرم؟ أنا لست مجرمة! أنا مجرد سيدة أعمال روسية."

حين تحدثت المرأة شعر (أورين) بأن صوتها مألوف للغاية، فتقدم نحوها قليلا وقال لها:

"هذا فقط من أجل سلامتك، آسف إن كنت قد أفزعتك، يا سيدة...."

وكان يسأل عن اسمها، فقالت له بدون ان تستدير إليه:

"(آناستازيا)"

فقال لها: "حسنا، (آناستازيا)، اسمحي لي بأن أقول لك بأنك تبدين جميلة. أحببت شعرك."

فاستدارت بشكل عفوي وقالت وهي تبتسم:

"أووه شكرا لك عزيزي، سوف تجعلني أحمر خجلا--"

لكن (أورين) في تلك اللحظة ظل متسمرا مكانه وهو ينظر إلى ملامحها، حيث كانت ترتدي بدلة رمادية ولكنها لا تملك صدرا بارزا كجميع النساء وكانت ترتدي نظارات شمسية و من الأمام بدا على أن شعرها يبدو شعرا مستعاراً وليس حقيقياً، والشيء الأكثر غرابة أن ذقنها يبدو وكأنه تم حلقه حديثاً حيث يبدو الذقن رمادياً قليلاً وكذلك ملامحها لا تبدو كملامح امرأة جميلة ذات جلد أملس بل كان أنفها كبيرا قليلا ووجهها مليء بالبثور وعلم (أورين) يقينا بأنه شخص يعرفه جيدا قد وجده متنكرا بصفة امرأة.

فمد (أورين) يده وأزال القبعة من على رأس ذلك الشخص، وظهرت صلعة ذلك الشخص وتغيرت ملامحه، فصاح (أوررين) غاضبا على ذلك الشخص:

"اللعنة يا (مايك)، ماذا تفعل هنا بحق الجحيم؟! لقد أخبرتك بأن تخرج من حياتنا بصفة نهائية؟"

فأزال (مايك) الطاعن نظارته وقال:

"حسنا، هناك تفسير جيد ومثالي لهذا."

أورين: "أوه حقاً؟ أنا كلي آذان صاغية."

فبدأ (مايك) الطاعن يروي له ما حدث:

"حسنا، الأمر هو أنني ذهبت مباشرة لأرى صديقاً قديماً لي لأحصل على هوية مزورة. حظينا ببعض كؤوس الشراب وكنا قد استغرقنا في ذكرياتنا عن الأيام الخوالي. فأحضر قنينة ويسكي ولعبنا أوراق اللعب. ولكن حينها، بدأت الأمور تصبح أكثر إثارة وقد تم طعنه. بعدها، استطعت الوصول إلى شرطي حقير وقذر أعرفه ليساعدني وفي المقابل قمت بتهريب عصابة معينة كان مسؤولاً عنها."

شعر (أورين) بالضجر مما يقول له (مايك) الطاعن، وقاطعه وقال:

"حسنا يا (مايك)، فقط تخطى كل هذا الكلام. إلى أين أنت ذاهب بحق الجحيم؟"

فأجابه: "إلى المطار، سوف أغادر البلد."

ثم ابتسم بسعادة وأكمل: "سوف أسافر إلى جزيرة آروبا!"

حين سمع (أورين) ذلك فرح كثيرا وقال وهو يبتسم:

"رائع! رائع، رائع، رائع... هذا رائع جداً! أنا أتمنى حقاً بأن تكون هذه المرة الأخير التي سأراك فيها. لكني أتمنى لك الخير والتوفيق يا (مايك). أنت لست شخصاً سيئاً."

فصافحا بعضهما وقال (مايك) الطاعن مبتسماً:

"شكرا لك يا (أورين)! لدي شعور بأن كل شيء سيكون على ما يرام."

وقال (أورين): "حسنا، يجب أن أذهب. اعتني بنفسك يا (مايك)... لا أريد أن أراك مجدداً!"

فضحك (مايك) الطاعن وقال:

"لن تراني ما لم تأتي إلى آروبا! إلى اللقاء يا صديقي!"

فخرج (أورين) من الغرفة الرابعة وأخد يتمشى ببطئ وهو يفكر:

(لماذا أشعر بأنها لن تكون المرة الأخيرة التي سأراه فيها...)

مر بعد ذلك على الغرفة التي تليها، وعندما فتح بابها وجد رجلاً عجوزا يجلس القرفصاء فوق مكان جلوس الركاب ولكن لم يكن يرتدي سرواله وكانت تحته صينية دائرية وكان يتغوط فيها، عندما فتح (أورين) عليه الباب وجد تعابير وجهه غريبة حيث كان يبتسم وخديه محمران والأكثر غرابة أنه وفي الجهة المقابلة له كانت هناك كاميرة تسجل ما كان يقوم به، فعندما أدرك الرجل العجوز بأن شخصا ما قد دخل عليه تغيرت ملامحه وأصبح مصدوما بشدة وظل هو أيضاً يحدق في (أورين) بدون حركة لدرجة أن بطنه بدأت تخرج أصواتاً، فظل (أورين) يحدق به باشمئزاز وهو يحبس أنفاسه بيده، حتى اقترب من الشعور بالغثيان وأغلق الباب بسرعة وأخد نفسا عميقا من الهواء النقي خارج الغرفة، وفي نفس الوقت سمع صوت سقوط داخل الغرفة فعلم بأن الرجل العجوز قد سقط من مكانه من شدة الإحراج.

(ما كان ذلك بحق الجحيم؟؟!!!! ذلك العجوز المقرف اللعين كان على وشك أن يفسد يومي، اللعنة!)

ولكنه لم يرد فتح الباب ليشاهد الفوضى التي حدثت للعجوز، فبقي هناك حتى التقط أنفاسه جيدا وتوجه مباشرة نحو الغرفة السادسة.

عندما فتحها وجد فتاة جميلة ترتدي لباسا أسودا ضيقاً ولديها شعر أسود مع نظارات شمسية سوداء فابتسم (أورين) وشعر بالسعادة وهو يقول مع نفسه:

(الحمد لله، فتاة مثيرة! لقد بدأت أظن بأنه يوجد فقط غريبي الأطوار في هذا القطار.)

دخل (أورين) وجلس أمام الفتاة التي كانت تضع قدما على قدم وتجلس بطريقة أنثوية مثيرة فقال لها:

"صباح الخير! هل أستطيع الجلوس هنا قليلاً؟ يا آنسة...."

فأجابته الفتاة: "اسمي (آيكو). بالتأكيد لا مشكلة."

فابتسم لها وأكمل: "يا له من اسم رائع، (آيكو). هل أنتِ من هنا؟"

أجابته: "حسنا، إنها قصة طويلة. والدي كان قد نشأ هنا، أجل، ولكن والدتي كانت يابانية. كلاهما مات عندما كنت لا أزال طفلة صغيرة، لذلك تحمل عمي مسؤولية الإعتناء بي. وسوف أسافر إلى اليابان في غضون بضعة ساعات."

تفاجأ (أورين) وأصبح أكثر سعادة وقال لها:

"اليابان؟! حقاً؟ أنا أيضاً مسافر إلى اليابان! يا لها من صدفة!"

فصمتت الفتاة (آيكو) قليلاً وعدلت نظارتها الشمسية وقالت بابتسامة عادية:

"حقاً؟ أجل.... يا لها من مصادفة... على كل حال.... هل أردت مني شيئاً؟"

فقال لها: "ماذا؟ أوه، لا، إنه لا شيء. كنت أبحث عن شخص ما ولكن.... لا تهتمي. فقط أعلميني إذا رأيتي أي شخص مشبوه. أنا من الغرفة الأولى."

فأجابته بابتسامة عادية:

"بالطبع... سأفعل."

"بالمناسبة، اسمي (أورين)."

"سعدت بلقائك يا.... (أورين)."

فقامت الفتاة (آيكو) من مكانها وقفة أنثوية وقالت له بلطف:

"حسنا... أنا آسفة ولكن يجب أن أتركك الآن، لدي مكاملة لأجريها."

فكان (أورين) يحدق في جسدها المثالي وقال لها:

"بالطبع! أراك لاحقا على الطائرة!"

آيكو: "بالطبع... باي باي..."

ثم خرجت الفتاة (آيكو) من الغرفة وتركت (أورين) يحدث نفسه وهو معجب بها:

(اللعنة، لديها صوت مثير ومغري. كل كلمة قالتها كانت بطريقة مثيرة للغاية. آيكو ..... سوف أتذكر هذا الإسم. حسنا، لم يتبقى سوى غرفتان ويمكنني بعدها العودة إلى الفتيات.)

يتبع..

2022/05/07 · 91 مشاهدة · 1572 كلمة
نادي الروايات - 2024